في زحمة الأغذية المصنعة والإيقاع السريع للحياة، أصبحت مشكلات الهضم شائعة في يومنا هذا، من انتفاخ البطن واضطرابات القولون، إلى ضعف المناعة وسوء الامتصاص. لكن ما لا يدركه كثيرون هو أن صحة الإنسان تبدأ من جوف أمعائه.
سنبحر معًا في هذا المقال بين أفضل الأطعمة والممارسات اليومية لصحة الأمعاء.
ما العلاقة بين الأمعاء وصحة الجسد؟
الأمعاء ليست مجرد أنبوب لهضم الطعام، بل منظومة ذكية تتصل مباشرة بالجهاز العصبي، وتُعرف علميًا بمحور الأمعاء – الدماغ. كما أنها مقر لمليارات الكائنات الدقيقة النافعة، التي تشكّل ما يُعرف بـالفلورا المعوية، أو الميكروبيوم المعوي، وهي أشبه بجيش دفاعي متكامل، يتحكم في الهضم، المناعة، وحتى الحالة المزاجية.
أغذية تعزز توازن أمعائك
الغذاء الذي يدخل جوفك لا يغذّي الجسد فحسب، بل يؤثّر في توازن البكتيريا النافعة، وسلامة جدار الأمعاء، وجودة الهضم والامتصاص. لذا، إن كنت تطمح لأمعاء أكثر صحة ونشاطًا، فابدأ بطبقك. إليك مجموعة من الأطعمة المفيدة للأمعاء والجهاز الهضمي:
1. الأطعمة الغنية بالألياف الطبيعية
هذه الأطعمة تُطيل فترة الهضم، وتمنح البكتيريا النافعة غذاءها لتُنتج أحماضًا دهنية مفيدة تقلل الالتهاب وتحافظ على بطانة الأمعاء. ومنها:
- البقوليات كالعدس والحمص.
 - الخضروات الورقية مثل السبانخ.
 - الحبوب الكاملة كالشوفان، والبرغل، والفاصوليا، والبقوليات.
 
2. البروبيوتيك
توجد البروبيوتيك أو ما يُسمى بالبكتيريا النافعة، طبيعيًا في الأمعاء. تُعيد البروبيوتيك التوازن إلى الفلورا المعوية، وتخفف من أعراض القولون العصبي، وتُسهم في تحسين الامتصاص.
تتوفر البروبيوتيك في بعض المصادر الطبيعية مثل اللبن الرائب/الزبادي، الكفير، والمخللات، أو كمكملات غذائية في الصيدليات.
3. الماتشا
يعد الماتشا، أو مسحوق الشاي الأخضر الياباني، أحد المشروبات المُعزِّزة لصحة الجهاز الهضمي لما يحويه من مركّبات طبيعية مضادة للأكسدة تُعرف باسم “الكاتيكين”، وتحديدًا مركب الـEGCG. ويساعد الماتشا على تهدئة الالتهابات في القناة الهضمية، ويُعزِّز نمو البكتيريا النافعة في الأمعاء، ما يجعله خيارًا مثاليًا لمن يسعى لدعم صحته الهضمية بطريقة طبيعية. ويمكن إدخاله ضمن النظام الغذائي عبر وصفات مبتكرة ولذيذة.
إذا كنت ترغب بالتجربة، يمكنك مطالعة هذه المقالات:
✦ فوائد شاي الماتشا للصحة والطاقة
✦ طريقة صنع وصفات الماتشا في المنزل: أضف لمسة مميزة على مائدتك
✦ وصفات ماتشا صحية: كيف تستمتع بالماتشا دون زيادة السعرات الحرارية؟
✦ أفضل وصفات شاي الماتشا سهلة التحضير
اجعل من كوب الماتشا لحظة صفاء، ومن مائدتك وسيلة شفاء، وامنح جهازك الهضمي ما يستحقه من عناية. اكتشف أفضل أنواع الماتشا العضوية والعالية الجودة في متجر “أو ماتشا”، وابدأ بتغذية أمعائك بما تستحقه من نكهة وفائدة.
4. الأطعمة الغنية بالبوليفينول
البوليفينول هي مركبات نباتية قد تؤثر بشكل مفيد على ميكروبيوم الأمعاء، وتشمل الأطعمة الغنية بالبوليفينولات ما يلي:
- الأعشاب والتوابل.
 - الفواكه والخضراوات الملونة.
 - المكسرات والبذور.
 - الشاي الأخضر والأسود.
 - الكاكاو والشوكولاتة الداكنة.
 
5. أطعمة تحتوي على الكولاجين
قد تكون الأطعمة الغنية بالكولاجين، مثل مرق العظام وجلد السلمون، مفيدة للصحة العامة وصحة الأمعاء. يمكنك أيضًا محاولة تعزيز إنتاج الكولاجين في جسمك من خلال نظامك الغذائي. لمساعدة جسمك على إنتاج الكولاجين، حاول تناول المزيد من:
- الحمضيات.
 - البروكلي.
 - اللحوم.
 - البيض.
 - المكسرات.
 
عادات يومية تدعم صحة الجهاز الهضمي
لا يكفي الاعتماد على مشروب أو طعام واحد لدعم صحة الأمعاء، بل يجب أن يُرافقه نمط غذائي متنوع، ومن أبرز ما ينفع الأمعاء:
- اشرب كميات كافية من الماء
 
يسهم الماء في تسهيل حركة الأمعاء ويمنع الإمساك، وبدون السوائل، لا تستطيع الألياف القيام بوظيفتها، وسيؤدي ذلك إلى إصابتك بالإمساك، لذا احرص على شرب ما لا يقل عن 8 أكواب يوميًا، مع زيادة الكمية في أيام الحر أو عند بذل مجهود بدني.
- تجنب المشروبات التي تحتوي على الكافيين
 
مثل القهوة والكولا والشاي وبعض المشروبات الغازية، لأنها قد تسبب انتفاخ البطن، وتزيد من حموضة المعدة، مما يؤدي إلى حرقة المعدة لدى بعض الأشخاص. اختر مشروبات غير غازية وخالية من الكافيين، مثل شاي الأعشاب والحليب والماء العادي. وإذا لم تستطع الاستغناء عن القهوة أو الشاي، فحد من تناولك إلى كوب أو كوبين يوميًا.
- قلل من الأطعمة فائقة المعالجة
 
تناول أطعمة أقرب ما يمكن إلى حالتها الطبيعية لدعم صحة أمعائك، والتي تحتفظ بقيمتها الغذائية، وعادةً ما لا تحتوي على سكر أو ملح أو دهون غير صحية أو إضافات مثل المستحلبات والمحليات الصناعية، والتي قد تؤثر جميعها على صحة أمعائك. وتجنب الأطعمة فائقة المعالجة مثل اللحوم الباردة مثل السلامي، والعديد من حبوب الإفطار، والوجبات الجاهزة، والحلويات، والعديد من الوجبات الخفيفة المعبأة مثل رقائق البطاطس.
- قلّل من تناول الدهون
 
الأطعمة الدهنية، مثل رقائق البطاطس والبرغر والأطعمة المقلية، يصعب هضمها، وقد تُسبب ألمًا وحرقة في المعدة، لذا قلّل من تناول الأطعمة المقلية الدهنية لتخفيف العبء على معدتك. وبدلا من ذلك حاول تناول المزيد من اللحوم والأسماك قليلة الدهون، واشرب الحليب منزوع الدسم أو نصف دسم، واشوِ الأطعمة بدلًا من قليها.
- قلّل من التوابل والأطعمة الحارة
 
ليست الأطعمة الحارة فقط هي التي تُسبب حرقة المعدة، بل إن الأطعمة الخفيفة ذات النكهة القوية، مثل الثوم والبصل وأي شيء مضاف له توابل، قد تُسببها أيضًا. وإذا كنت تُعاني بالفعل من مشكلة مثل حرقة المعدة أو القولون العصبي، فتجنب هذه الأطعمة تمامًا.
- تجنب الأطعمة والمشروبات التي تُثير أمعاءك
 
قد تكون بعض الأطعمة والمشروبات سببًا مباشرًا في اضطراب الهضم، خاصةً لدى ذوي الجهاز الهضمي الحساس. ومن أبرز هذه المُهيّجات:
- 
- الأطعمة الحمضية مثل الطماطم، الحمضيات، تتبيلات الخل، والمشروبات الغازية، التي قد تُثير حرقة المعدة وارتجاع المريء.
 - مشتقات الحليب لدى من يُعانون من عدم تحمّل اللاكتوز، حيث يؤدّي تناول الحليب أو مشتقاته كالقشطة والجبن واللبن وحتى الشوكولاتة، إلى انتفاخ، غازات، وأحيانًا إسهال.
 - القمح والبصل قد يُثيران أعراض متلازمة القولون العصبي لدى البعض، مُسببين تقلّصات، غازات، أو إسهال متناوب.
 
 
نصيحة: إذا لاحظت أن نوعًا معينًا من الطعام يُسبّب لك انزعاجًا متكررًا، فحاول تقليله أو استبعاده من طعامك لفترة، مع مراقبة التحسّن.
- اهتمي بالرضاعة الطبيعية لطفلك
 
تساعد الرضاعة الطبيعية الرضيع على تطوير ميكروبيوم معوي صحي، مما قد يُساعد في الحماية من بعض الحالات الصحية في وقت لاحق من حياته.
- نصائح غذائية أخرى
 
- 
- لا تشرب العصائر الصناعية أو حتى الطبيعية بوفرة، فالألياف تضيع في العصير وتبقى السكريات.
 - راقب طعامك: هل فيه سكّر مضاف؟ الملصقات الغذائية تُخبرك بكل شيء، ابحث عن كلمات مثل: سكروز، فركتوز، شراب الذرة، دكستروز.
 - ابتعد عن الحلويات المصنعة، وبدّلها بحفنة من الفواكه المجففة أو المكسرات النيئة.
 - امضغ طعامك ببطء، ولا تأكل وأنت منشغل أو مستعجل.
 
 
- لا تتجاهل حاجتك للتبرّز
 
تأجيل دخول الحمام بشكل مستمر قد يؤدي إلى إمساك مزمن واضطراب في الجهاز الهضمي.
- مارس النشاط البدني بانتظام
 
تعزز الحركة تقلصات القولون وتحفّز عملية الهضم، ويكفي المشي 30 دقيقة في اليوم للمساهمة في تحسين الهضم والحد من الانتفاخ.
- نم باكرًا ولساعات كافية
 
يُرهق السهر الجسد ويؤثر في توازن البكتيريا في الأمعاء، لذا احرص على النوم العميق، خاصة في ساعات الليل الأولى التي تعد وقتًا لإصلاح الخلايا وإعادة ضبط التوازن الداخلي.
- حافظ على هدوئك
 
يؤثر القلق والتوتر في أمعائك أكثر مما تتخيل، لذا جرّب التحكم بهما من خلال التنفّس العميق أو تمارين التأمل.
- تجنب الاستخدام غير الضروري للمضادات الحيوية
 
تهدف المضادات الحيوية إلى قتل البكتيريا الضارة عند الإصابة بعدوى أو مرض، ولكنها قد تؤدي بذلك إلى إزالة بعض البكتيريا المفيدة في الأمعاء، لذا لا تستخدمها إلا عند الضرورة.
متى تزور الطبيب؟
قد تشير بعض الأعراض إلى مشكلات أعمق في الجهاز الهضمي، لذا لا تتردد في استشارة مختص في حال استمرت الأعراض التالية أو أثّرت على جودة حياتك:
- انتفاخ مستمر.
 - ألم بطني متكرر.
 - تغير في عادات الإخراج (إمساك أو إسهال).
 - دم في البراز.
 
ختامًا: الأمعاء دماغك الثاني
صحة الأمعاء تنعكس على صفاء البشرة، حيويّة المزاج، قوة المناعة، وقدرة الجسد على التجدد. ليست الماتشا علاجًا سحريًا، لكنها قد تكون حجر الأساس في روتينك الصحي إن اقترنت بتغذية سليمة وسلوك هادئ متّزن.
الأسئلة الأكثر شيوعًا
ما هي أفضل الأطعمة لصحة الأمعاء؟
تُعدّ الأطعمة الغنية بالألياف والبكتيريا النافعة من أفضل الخيارات لصحة الأمعاء. يشمل ذلك الحبوب الكاملة مثل الشوفان، والبقوليات مثل العدس والفاصوليا، والخضار الورقية، إضافةً إلى الزبادي والمأكولات المخمّرة مثل الكيمتشي والميسو. هذه الأطعمة تدعم توازن البكتيريا المفيدة وتحسن الهضم.
كيف أجعل الأمعاء صحية؟
لبناء جهاز هضمي سليم، احرص على تناول غذاء متنوّع غني بالألياف، واشرب كميات كافية من الماء يوميًا، وابتعد عن الأطعمة المعالجة والسكريات الزائدة. مارس التمارين بانتظام، وقلل من التوتر، فهو يؤثر بشكل مباشر على صحة الأمعاء. أيضاً، راقب ما يُسبب لك الانزعاج الهضمي وتجنّبه قدر الإمكان.





