تاريخ شاي الماتشا: من الطقوس اليابانية القديمة إلى المشروب العصري

تاريخ شاي الماتشا من الطقوس اليابانية القديمة إلى المشروب العصري

يتميز شاي الماتشا بلونه الأخضر اللامع، وطعمه الغني، وعمقه الثقافي. لكن الماتشا ليس مجرد مشروب شائع على “الإنستغرام” أو بديل عصري للقهوة؛ بل يمتد تاريخه إلى أكثر من 800 عام، حيث بدأ كجزء من طقوس روحانية، وتحول اليوم إلى مشروب عالمي محبوب.

البداية في الصين… لكن التميّز ياباني

تعود جذور شاي الماتشا إلى الصين في عهد أسرة تانغ (القرن السابع إلى القرن العاشر الميلادي)، حيث كانت أوراق الشاي تُبخّر وتُضغط في قوالب تُعرف باسم “شاي الطوب“، ثم تُطحن ويُشرب الشاي كمزيج من المسحوق والماء. لاحقًا، وفي عهد أسرة سونغ (960–1279م)، ازدهرت طريقة تحضير الشاي المطحون وأصبحت شائعة في الأديرة والبلاط الإمبراطوري، خاصةً في الطقوس الروحية البوذية.

وكان لهذه الحقبة تأثير عميق على الراهب الياباني إيساي، الذي أمضى سنوات طويلة في الصين يدرس تعاليم الزِن البوذية، ويتأمل في الممارسات الروحية المصاحبة لشرب الشاي.

في عام 1191م، عاد إيساي إلى اليابان نهائيًا، حاملًا معه بذور الشاي، وطريقة تحضير الشاي الأخضر المجفف، إلى جانب فلسفة الزِن المرتبطة بهذه الطقوس. ويُقال إن البذور التي أحضرها كانت من أجود أنواع أوراق الشاي في الصين في ذلك الوقت، ما جعلها نواةً لصناعة شاي متميزة في اليابان.

زرع إيساي تلك البذور في ساحات معابد كيوتو، وتحديدًا في مناطق قريبة من مقر شوغون كاماكورا، وبدأ نشر هذه الثقافة الجديدة بين الرهبان. كما ألّف كتابًا بعنوان “كيسا يوجوكي” (كُتيّب فوائد الشاي)، وثّق فيه خصائص الشاي الصحية وأثره في تهدئة العقل وتعزيز التركيز، مما ساعد في ترسيخ الماتشا كثقافة ذات بُعد روحي وصحي في اليابان.

الماتشا… مشروب النخبة والصفاء الذهني

تبنّى رهبان الزن في اليابان الماتشا كوسيلة للمساعدة على التركيز أثناء جلسات التأمل الطويلة. وسرعان ما انتقلت هذه الممارسة إلى طبقة الساموراي، الذين وجدوا في الماتشا وسيلة لتعزيز صفاء الذهن والهدوء قبل المعارك وبعدها.

في تلك الفترة، لم يكن الماتشا متاحًا للجميع، بل كان يُعتبر رمزًا للصفوة، ويُقدَّم فقط في المناسبات الخاصة والطقوس الروحانية.

طقوس الشاي الياباني… فلسفة متكاملة

لا يرتبط الماتشا بتأثيرات الهدوء واليقظة فحسب، بل يرتبط أيضًا بالممارسات الاحتفالية والدينية. بحلول القرن السادس عشر، تطور شرب الماتشا في اليابان إلى ما يُعرف بـحفل الشاي التقليدي “تشادو” أو “سادو”، والذي يُترجم إلى “طريق الشاي”.

لكن “تشادو” ليس مجرد تحضير شاي، بل طقس متكامل يجمع بين الجمال، التأمل، والروحانية.

في هذا الطقس، يقوم المضيف بتحضير الماتشا أمام الضيوف باستخدام أدوات خاصة مثل الوعاء (تشاوان) وخفاقة البامبو/الخيزران (تشاسين)، ويتّبع خطوات دقيقة في التحضير والتقديم. كل حركة في الحفل تتم بهدوء وتركيز، وسط أجواء بسيطة وهادئة، تهدف لخلق لحظة من السكينة والتقدير للجمال الطبيعي.

ويرتكز حفل الشاي على أربع مبادئ أساسية:

  • الانسجام (和 – وا): بين الناس والطبيعة.
  • الاحترام (敬 – كي): في التعامل بين الضيف والمضيف.
  • النقاء (清 – سي): في المكان والأدوات والنية.
  • السكينة (寂 – جاكو): هدوء داخلي وصفاء ذهني.

بهذا الشكل، يتحول كوب الماتشا من مجرد مشروب إلى تجربة تأملية وروحية فريدة، تُعبر عن عمق الثقافة اليابانية وتقديسها للحظات البسيطة.

من اليابان إلى العالم

اليوم، لم يعد الماتشا حكرًا على الأديرة والمعابد اليابانية. ففي عصر ميجي (1868–1912) ، بدأت اليابان تنفتح على العالم، وتعرّف الزوار الأجانب على الماتشا لأول مرة. ومع مرور الوقت، بدأ ينتشر خارج اليابان، لكن شعبيته الحقيقية انفجرت في العقود الأخيرة، بفضل تزايد الاهتمام العالمي بالصحة والتوازن العقلي.

اليوم، يُعتبر الماتشا “سوبر فود” غنيًا بمضادات الأكسدة والثيانين (L-theanine) ، ويُقدَّر لفوائده في تعزيز الطاقة والتركيز دون التوتر الناتج عن الكافيين العادي.

ستجده -إلى جانب الشاي- في صور عصرية مثل ماتشا لاتيه، حلويات، وعصائر صحية..

اقرأ أيضًا: حلويات الماتشا: 5 وصفات شهية لعشاق النكهات الفريدة

الماتشا في السعودية: تراث بطابع عصري

في السعودية، يزداد الإقبال على الماتشا، ليس فقط كمشروب صحي، بل أيضًا كجزء من نمط حياة متوازن يدمج العافية مع الذوق.

إذا كنت ترغب في تجربة شاي الماتشا الياباني الأصلي في منزلك، يمكنك زيارة متجرنا “أو ماتشا”، حيث نوفر لك شاي ماتشا فاخر من كيوتو، بالإضافة إلى أدوات التحضير الأصلية التي تتيح لك تحضير الماتشا كما لو كنت في اليابان، لتعيش التجربة اليابانية الأصيلة بكل تفاصيلها.

 

O MATCHA - او ماتشا - Special Offers

Scroll to Top